في جلسةٍ أُقيمت في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين صباح يوم الاربعاء الفائت تم إستذكار الكاتب والقاص والروائي العراقي نعمان مجيد , والذي عُرِفَ عنهُ بأنهُ انحدر من أُسرةٍ مبدعةٍ في مجال الادب والعلم , وتتسمُ بحسٍ وطنيٍ عالٍ .
وقال مدير الجلسة الاديب حسين الجاف " نعمان مجيد رحل ولم يرحل من بيننا , لقد رحل جسداً بَيدَ إنهُ بقيَّ إبداعاً ومواقف و أخلاقاً وقيماً ".
و أشار الجاف "كان واحداً من رموز نهوض القصة العراقية الحديثة في السبعينات والثمانينات على الرغم من إنهُ بدأ حياته الادبية شاعراً شعبياً مع مجموعة من أشهر الشعراء الشعبيين في العراق أمثال كاظم الربيعي والسماوي والكاطع".
و أكد قائلاً "إن تيار القصة الحديثة سحب مجيد من عمق الشعر الشعبي ليشق له طريقا اخر في عالم القصة متأثراً بأجواء الواقعية السحرية التي حمل لواءها غابرييل غارسيا ماركيز والذي نحا منحاه نعمان مجيد ولكن بامتلاكهُ ادواته الفنية الخاصة به و انطلق يكتب بحسٍ عراقي فذ متصديا للعديد من الظواهر التي تعصف بالمجتمع , ليصبح واحداً ممن يُشار لهم بالبنان".من جانبهِ ، قال رئيس اتحاد الادباء فاضل ثامر "إن الاتحاد احتفى بذكرى أبرز قصاصي السبعينات ألا وهو نعمان مجيد , والذي استطاع أن يطور أدواته اللغوية والسردية بحيث بوأتهُ مكانه خاصة بين رواد السرد في العراق".
واضاف ثامر: "لقد نحا مجيد منحىً تجريبياً من خلال توضيف لغة تراثية ومحاولة الغوص في اعماق الشخصية الشعبية , لكن مع الاسف خطفة الموت في التسعينات وهو في اوج عطائه".
بدورها ، قالت شقيقة الراحل الكاتبة نعيمة مجيد : " كان نعمان مجيد مجدداً ومطوراً للأدب , وللفن الابداعي ويتضِحُ هذا من خلال شهادة النقاد حيث احدث مدرسة جديدة في كتابة القصة , حين تقرأ لهُ كأنك تقرأ حدثاً حقيقياً واقعياً في فترة ما حيثُ زاوج بين التأريخ والموروث الشعبي والحالة الآنية للشخص".
وألفتت : "عندما كان يكتب الشخصية كان يدرسها من جميع جوانبها , وكان يُعايش الحدث بشكل حقيقي من حيث الصفات والمعالم ليضع القارئ امام شخصية حقيقية".
واشارت : "إن نعمان مجيد الانسان كان صديقاً للجميع واعتاد ان يتبنى المواهب الحديثة , حيث كان شفافاً في كل سلوكه وهادئ الطباع , لم يكُن أخاً لي بل كان صديقاً ومعلماً وأخذت من حكمته وموهبته الكثير".
وأضاف القاص حنون مجيد : "نعمان مجيد من أهم الروائيين في السردية العراقية وينبغي أن تُحضّر دراسات تستقصي اعماله لأنه كان دائماً يبحث عن الجديد والمتقدم وعن المُفارق لما هو مألوف".
مُبيناً : "لا اظنُ أن لنعمان صديقا كما أنا عليه , تلازمنا في الصحافة و ارتبطنا بجلساتٍ خاصة , وتميز اسلوبهُ بالهدوء والاسترسال دون ضجيج و افتعال ولعل هذا ما يعكسُ شخصيتهُ المبتسمة الهادئة".
و أكد حنون : "إن ادب مجيد يُدركُ بصورةٍ جليّة التدرج والحرص الفني الدائم على تقديم الجديد , فيما اهتم في التركيز على الجانب الانساني واهتم برمزية الام والاب وإشارات الانتماء مقابل اللا انتماء ودرس جوانب التفكك الاسري خصوصاً في فتراة الحرب الطاحنة حيثُ تداخلت الاحداث في قصصه , وقد حَمَلَ بعضها الطابع الاسطوري الانساني كما في قصة العبور الى الضفة الاخرى".
و ألفتَ : "لم يكن نعمان صوتاً سلطوياً بل رفع اصبع الاتهام في الحرب العراقية الايرانية في روايته (اخوة الكافي) ما يُعد إفتراءً على الطابع الادبي الذي ساد في ذلك الوقت".
و أضاف : "رواية (العودة من الربع الخالي) اشارت الى الخيبة في معترك النار وفشل المغامرة للوصول الى الحلم المنشود ولعل هذا ما تطلع من خلاله للنيل من الواقع والهروب الى الحلم لمحاربة الواقع السلطوي الذي نال حتى من الحلم".
وجرب مجيد انواعا كثيرة من اساليب السرد اللغوي لذلك اتخذ استخدام الهامش مثلاً مجاوراً للمثل الاصلي وينصهر معه في الدلالة الاخيرة واتضح ذلك من خلال تجربةٍ كان يمكن ان تتطور على يديه بعد أن باشرها قبله القاص الفلسطيني غسان كنفاني في قصة غير مكتملة , كما جرب حدث التوازي بين حدثين منفصلين بالترسيم متحدين بالدلالة كما في قصة الكناري حيث جاءت بلغة جميله محمله بدلالات انسانية مؤثرة , ولهُ مؤلفات قصصية كثيرة من مجاميع قصصية وروايات منها ما نُشرت في حياتهِ و منها ما نُشرت بعد وفاته مثل (أعمق الساعات صمتاً) مجموعة قصصية , و رواية (الزمن الرمادي و الاعوام الحجرية ).
0 التعليقات:
إرسال تعليق