اطلق رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم مشروع خاص للاشخاص ذوي الاعاقة باسم (تمكين( فيما استنكر استهداف عصابات داعش الارهابية لاثار مدينة الموصل وتدميرها مؤكدا قرب زف بشائر نصر قريبة على الارهابيين .
وقال الحكيم خلال كلمته في مؤتمر الاشخاص ذوي الاعاقة أقيم في مكتبه ببغداد اليوم السبت ان الانحراف الفكري والعقيدي هو الإعاقة الإنسانية الكبرى التي تشوه الدين والحضارة وتطفأ شعلة الحياة وهو ما نلاحظه بشكل جلي في سلوك الارهاب الداعشي واستهدافهم الاخير لمتحف نينوى والاعتداء على التراث والتاريخ والحضارة الانسانية بسبب الافكار الظلامية التي يحملونها خير شاهد على ذلك .
وأشار لا يخفى على الجميع ان الإرهاب الاعمى قد تجاوز في ظلاميته كل الحدود واصبح يتبجح بحرق الأبرياء وقطع رؤوس النساء والأطفال وسبي الحرائر والاسائة الى الإسلام باسم الإسلام .
وتابع ان الذي نواجهه اليوم يمثل التحدي الأكبر الذي واجه هذا الوطن منذ امد بعيد، وان المستقبل القريب يعتمد علينا في تحديد ملامح الوطن الذي سيجمعنا، فبإمكاننا ان نجعل من هذه المحنة سبباً لتوحيدنا وبداية لانطلاقتنا نحو مستقبل واعد وامن، ويمكننا ان نجعل منها بداية للتشرذم والتشظي والانفصال .
وبين الحكيم اننا اليوم امام خيارات محدودة، وقرارات مصيرية كبيرة وسيحكم علينا التاريخ من خلال ما نقرره في هذه المرحلة، وامامنا خياران لا ثالث لهما اما خيار الدولة واما خيار الفوضى، وانا واثق ان كل عراقي غيور وعاشق لهذا الوطن سيكون خياره مع الدولة، وان الإرهاب والفكر المنحرف والتكفير والظلامية سيكون خيارها مع الفوضى .
واوضح ان مشاكلنا كثيرة ومتعددة هي اختلافاتنا ولكن الواجب يحتم علينا ان نكون فوق المشاكل والاختلافات وان نتعامل مع الاحداث بموضوعية وان نبتعد عن العاطفية في التعامل السياسي .وأكد ان المسؤولية تحتم علينا ان نلتقي في المنتصف في اغلب المشاكل والاختلافات التي نواجهها، وان لا نعتبر اللقاء في المنتصف تنازلاً او ضعفاً، لان طبيعة الحياة تتطلب الالتقاء في المنتصف والتاريخ يحدثنا عن ان الذين حققوا إنجازات عظيمة لبلدانهم وأوطانهم وشعوبهم كانوا متميزين في اعتماد سياسة الالتقاء في المنتصف والقيام بالتسويات التاريخية الكبرى التي تحولت الى ربح للجميع وبقدر ما واجهت الاعتراضات والاتهامات والتخوين حين انطلاقتها ولكنها مثلت الحلول الواقعية التي تمسك بها الجميع ودافع عنها فيما بعد عندما اتضحت فوائدها الكبيرة .
ولفت الى ان المأزومين والانفعاليين والانتهازيين لا يبنون دولة، وان الظلاميين التكفيريين الإرهابيين لا يبنون دولة، وهذه هي حقائق التاريخ فلماذا نتردد في اختيار الطريق الذي علينا ان نسلكه ؟؟ فأن الطريق واضح ومحدد ولكنه يحتاج الى شجاعة وإرادة و وعي .ودعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السياسيين والمتصدرين للشأن العام والخدمة العامة في هذا الوطن ان يستفيدوا من تجربتكم انتم الذين يطلق عليهم الاشخاص ذوو الاعاقة وذوو الاحتياجات الخاصة وادعوهم ان يجسدوا في انفسهم الإرادة والصبر وهما السمتان الاساسيتان فيكم وان يعملواعلى العيش بأمل لغد أفضلكما تعملون ذلك رغم كل معاناة وتحديات الحاضر الذي تعيشونه .
وأطلق الحكيم مشروع خاص للاشخاص ذوي الاعاقة اسماه (تمكين) قائلا اننا نؤمن انكم لا تحتاجون الى رعاية خاصة وانما تحتاجون الى (تمكين حقيقي) فمتى ما تم تمكينكم بالصورة الصحيحة والفعالة فأنكم ستقدمون لأنفسكم ولمجتمعكم ووطنكم أعظم الخدمات لأنكم تتميزون على الاخرين بميزة الإرادة والقدرة على الصمود، وهاتان الميزتان أساس النجاح في الحياة .
وأشار الى ان الاهتمام بالاشخاص ذوي الاعاقة لم يعد واجباً انسانياً بحتاً وانما هو واجب وطني مقدس، لأننا في هذا الوطن الصابر مررنا بظروف صعبة ومؤلمة جدا وكانت وما زالت مواجهاتنا مع الإرهاب مواجهات شرسة وقد تحققت الانتصارات الكبرى على يد قواتنا المسلحة والحشد الشعبي والعشائر العربية والبيشمركة في هذه الايام والبشائر التي ستزف الى ابناء شعبنا في الاسابيع القليلة القادمة .ولفت الى الدور التاريخي الذي مارسته المرجعية العليا في اطلاق فتوى الجهاد الكفائي للدفاع عن الارض والعرض والمقدسات، وأصبح لدينا شريحة كبيرة من أبنائنا وبناتنا من ضحايا الإرهاب من الاشخاص ذوي الاعاقة، وعليه لم يعد التعامل مع هذه الشريحة الكبيرة والمهمة من المجتمع بدافع (المساعدة) هو المنطق الصحيح ، وانما علينا ان نتعامل معها بمنطق الواجب، بل الواجب المقدس .
وأكد رئيس المجلس الاعلى ان قيمة الانسان تبدأ من تحديد قيمته الثقافية والتربوية وهو ما دعانا لمناشدة وزارة التعليم العالي لاعادة النظر في قرارها بخفض مخصصات الطلبة المبتعثين الى الخارج لانهم يمثلون العقول الشابة والواعدة وامل المستقبل الذي بهم وبزملائهم في الداخل يرتبط اعمار البلاد و ازدهارها في قادم الايام .
ودعا الى انشاء المعاهد المختصة للتعامل مع هذه الشريحة المهمة والكبيرة في مجتمعنا، وان التمكين الثقافي والتربوي هو حجر الأساس في الانطلاق بالمشروع الوطني لدعم الاشخاص ذوي الاعاقة، وانه لمن المحزن والمؤسف ان نستذكر ما رصدته منظمة اليونسكو من نسبة 90% من الأطفال ذوي الاعاقة في العراق ممّن لا يتلقون تعليما أساسيا ولم يأخذوا فرصتهم في التعليم، وهذا مع الأسف الشديد يؤشر الى ثقافة مجتمعية لا تتفهّم ظروف الاعاقة الجسدية والنفسية والعقلية .
وبين ان التمكين الثقافي والتربوي هو أساس الانطلاق نحو منهج منصف لأبنائنا وبناتنا، ومنه ننطلق الى التمكين المادي والصحي حيث تقع المسؤولية على عاتقنا جميعا لتوفير مؤسسات صحية متطورة ومواكبة لآخر المعطيات العلمية الخاصة بالتعامل وعلاج الاشخاص ذوي الاعاقة .ودعا الحكيم وزارة النقل لتقديم تسهيلات خاصة وخصومات مجزية في وسائط النقل الحكومية من طائرات وقطارات ومنشئات النقل العام للاشخاص ذوي الاعاقة .
واستطرد بالقول ان المرحلة الأخيرة من التمكين هو التمكين العملي من خلال دفعهم للمشاركة الفعالة في الحياة العامة وتوفير فرص عمل تتلائم وقدراتهم الخاصة خاصة ونحن في بداية الدورة التشريعية الجديدة وامامنا فرصة كبيرة كي نتقدم بمشروع قانون ينظم التعامل الخاص مع الاشخاص ذوي الاعاقة واتمنى ان تتفاعل مختلف الكتل السياسية والبرلمانية وشرائح المجتمع مع هذا التشريع .
ودعا الى تشييع مفهوم جديد في المجتمع العراقي وهو (ان التعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة ليس واجباً انسانياً فحسب وانما هو واجب وطني مقدس) .وختم الحكيم كلمته بالقول نحن ندرك ان المشاكل التي تواجهنا كبيرة ومتعددة والتحديات عظيمة ولكن دعم وتمكين أبنائنا وبناتنا من هذه الشريحة سيكون مقدما على بعض الالتزامات الأخرى فانه اختبارنا الكبير امام الله سبحانه وتعالى وقيمتنا الحقيقية ودورنا الفعال في المجتمع حينما نتفاعل نحن الذين قدر الله لنا احتياجات عادية مع الذين قدّر الله لهم احتياجات خاصة .(النهاية)
0 التعليقات:
إرسال تعليق